رغم بدء
منافسات بطولة العالم وغرق المتابعين في أحداثها سواء داخل الملعب أم
خارجه ، فإن شبح الإصابات الذي ضرب أهم لاعبي البطولة قبل بدء المنافسات
مازال يلقي بظلاله على اللاعبين المتواجدين .

وباء الإصابات ضرب
الممنتخب الإنكليزي مرة أخرى ، وفي قلب دفاعه إيضاً بإصابة ليدلي كينج بعد
ريو فرديناند ، لينضم إلى قائمة الإصابات الطويلة التي يتصدّرها مايكل
بالاك الألماني ، ثم نجم غانا مايكل إيسيان و لاعب وسط نيجيريا أوبي ميكيل و
النجم البرتغالي ناني، ليكتمل النقل بالزعرور" حسب المثل الشامي" بعد أن
استبعد أيضاً أكثر من نجم على رأسهم البرازيلي رونالدينهو و الفرنسيين بن
زيما وسمير نصري لاعبي ريال مدريد وأرسنال على التوالي ، مما دفع العديدين
للتشاؤم والسخط على الحظ السيء الذي خرب الأمور على اللاعبين و المتابعين
عل حد سواء .
<script type="text/javascript"
src="http://ad.doubleclick.net/adj/gna.ar/level2;tile=4;sz=160x600;ord=342416?area=2l&pos=2&ord=342416"></script>


إلا
أن الحظ لا علاقة له بالموضوع ، بل إن ما حدث ويحدث هو عبارة عن أمر
طبيعي بعد موسم طويل وشاق أتعب اللاعبين على مدار العام ، حيث يلعب لاعب
الصف الأول _ والذي يكون في أندية النخبة عالمياً عادة و من قائمة منتخب
بلاده بشكل دائم _ حوالي الستين مباراة في العام ما بين الواجب المهني و
الدولي ... فإن كانت الآلات تخرب إن تم استعمالها أكثر من اللازم ، فما
بالك بالبشر ؟ المجهود الكبير الذي يقوم به اللاعب على مدار العام يجعل من
عضلاته عرضة للتكزز و التمزق عند أي احتكاك قوي إلى حد ما و لهذا تكثر
الإصابات دائماً في نهاية الموسم ، لأن التعب يكون قد نال من جملة اللاعب
العضلية، وهو أمر يبدو .

و هنا قد يخطر سؤال للبعض ؟ رغم كل التعب
الذي يلحق باللاعبين ، و رغم كل الإنتقادات التي تأتي من اللاعبين "
السابقين " و المسؤولين الكرويين غير المباشرين لعدد المباريات التي تلعب
في العام ، لماذا تقوم الإتحادات الوطنية بجعل دورياتها الأولى والممتازة
مؤلفة من 18 فريقا ًأو عشرين فريقاً ؟ ولماذا تقوم الإتحادات القارية
بزيادة أعداد الأندية والمنتخبات المتأهلة إلى بطولاتها ؟ وأبرز مثال هنا
هو أوروبا ، حيث زاد عدد ممثلي الدولة الواحدة من دول النخبة في بطولة دوري
الأبطال من فريق إلى إثنين ثم أربعة في مرحلة لاحقة ، كما زاد عدد
المنتخبات المتأهلة إلى بطولة أوروبا من ثمانية في العام 1992 إلى 16 في
العام 1996 ، وهاهو سيزداد إلى 24 في بطولة أوروبا بعد القادمة عام 2016
والتي ستقام في فرنسا ، وهو نفس ما فعله الفيفا عندما زاد عدد الفرق
المشاركة في كأس العالم إلى 32 فريقاً اعتباراً من مونديال فرنسا عام 1998 .

سيأتيك
الجواب مباشرة من المعنيين سواء في القارة العجوز أو الإتحاد الدولي أن
كرة القدم تتطور بشكل كبير، كما أن عدد الدول ازداد بشكل كبير بعد انهيار
الكثير من دول المنظومة الإشتراكية أمثال الإتحاد السوفيتي و يوغوسلافيا و
تشيكيا ..ومن حق هذه الدول الحصول على فرصة للوصول إلى أكبر التظاهرات ...

فعلياً
هذا الكلام صحيح جداً بل و مطلوب ، لكنه للأسف جزء من الحقيقة و ليس
كلها ، لأن هناك سبباً خفياً يمكن اعتباره أكثر تأثيراً و هو الجشع ، جشع
آلات صناعة الإعلام و الترفيه التي بسببها و بسبب رغبتها في الكسب و تحقيق
الأرباح الخيالية ، تجبر الإتحادات الوطنية و القارية على زيادة عدد
المباريات التي يتواجد فيها اللاعبون الموهوبون ، و هم بالنهاية سبب
المتابعة الجماهيرية ، و سلاحها الأمضى هو المبالغ الهائلة التي تدفعها
للحصول على الحق الحصري لنقل بطولة ما ....و من يدفع يحكم ، وأكبر مثال على
ذلك ما حدث في مونديال المكسيك عام 1986 حيث أجبر اللاعبون على اللعب في
عز الظهيرة حتى يتوافق توقيت النقل مع أوقات الذروة في القارة الأوروبية ،
وهو ما يعد استعباداً حقيقياً للاعبين ، حيث أضحواعبيداً للمؤسسات
الإعلامية بشكل خاص ولمفهوم الإستهلاكية الذي بات يحكم العالم بشكل عام
...لكن المفارقة في الموضوع أن اللاعبين أنفسهم راضون عما يلحق بهم من أذى
جسدي ونفسي ، والسبب عائد بطبيعة الحال للأجور العالية التي يقبضونها
وعمرهم المهني القصير ، لذلك تراهم مكابرين في كثير من الحالات على
إصاباتهم مما يزيدها سوءاً ، فهم إن لعبوا أكثر ظهروا إعلامياً بشكل أكبر ،
و هو ما يزيد قيمتهم سواء الإعلانية و التسويقية وبالتالي في سوق
الانتقالات.

إن كان الفيفا و الإتحادات القارية معذورة إلى حد ما ،
على اعتبار ان نشاطاتها الكثيرة تحتاج إلى التغطية المالية ، و لا سبيل
أمامها إلا بيع حقوق بطولاتها الخاصة ، فإنه لا عذر للاعبين الذين تسرب
الجشع إليهم قبل مؤسسات الإعلام رغم أنهم من يتلقى الضرب كما يقال .ومن
المؤسف أننا لم نسمع يوماً عن جمعية لاعبين محترفين تعتصم أو تضرب لتخفيف
ضغط المباريات على أعضائها ، كما تفعل جميع نقابات العمال التقليدية ، وإن
قامت بذلك فسيكون لزيادة الأجور و ليس لتخفيض حمل العمل، و هو ما يدفعنا
إلى الاعتقاد بأن الأمور لن تتغير عما هو عليه في حالياً ، لأن ما سيغيّرها
فقط هو موقف حاسم و قوي من اللاعبين أنفسهم ، وهو موقف لا يبدو أن لاعبي
عصرنا الحالي مستعدون لاتخاذه ، فوجب علينا تحضير أنفسنا لاستمرار مسلسل
خسارة النجوم قبل وخلال البطولات الكبيرة ، و الملوم على هذا الأمر هم
اللاعبون أنفسهم ولا أحد سواهم .

مشكور اخى
الحبيب يا احلى عسل